وقد كان اسمها بَرَّة، فسماها النبي زينب، وتُكنّى بأم الحكم. أبوها جحش بن رئاب الأسدي كان حليفًا لسيد قريشعبد المطلب بن هاشم، ويبدو أنه لم يدرك الإسلام.
كانت زينب من المسلمين الأوائل، لكن لم تذكر كُتب التراجم قصة إسلامها. هاجرت زينب إلى يثرب بعد هجرة النبي محمد إليها. وفي يثرب، خطبها النبي محمد لزيد بن حارثة، فأبت زينب في البداية، إلى أن نزل الوحي بقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ، فقبلت زينب الزواج بزيد. كان هذا الزواج مثالاً لتحطيم الفوارق الطبقيَّة الموروثة قبل الإسلام، بزواج زيد وهو أحد الموالي من زينب التي كانت تنتمي لطبقة السادة الأحرار. إلا أن هذا الزواج لم يسر على الوجه الأمثل، فدبّ الخلاف بين زينب وزوجها زيد، فهمّ زيد بتطليقها، فردّه النبي محمد قائلاً: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ»، فنزل الوحي بقوله تعالى وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا فكانت تلك الآية تشريعًا يسمح بزواج الرجل من طليقة متبناه.
زواجها من النبي محمد
بعد طلاق زينب من زيد بن حارثة، وبعد انقضاء عِدَّتها، تزوج النبي محمد بزينب. تكلَّم المنافقون في ذلك، فقالوا: «حرَّم محمد نساء الولد، وقد تزوَّج امرأة ابنه». فنزل الوحي بقوله تعالى: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا وقال أيضًا: ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا كان زواج النبي محمد بزينب في ذي القعدة 5 هـ، بعد غزوة بني قريظة. وخرجت زينب بنت جحش مع النبي في اثنتين من غزواته وهما خيبروالطائف. كما خرجت معه في حجة الوداع.
مكانتها
كان لزينب عند النبي محمد مكانة عالية، فقد قالت أم المؤمنين عائشة عنها: «كانت زينب هي التي تساميني من أزواج النبي، ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتذالاً لنفسها في العمل الذي يُتصدَّق به، ويُتقرب به إلى الله، ما عدا سورة من حدَّة كانت فيها، تُسرع منها الفيئة.» وقد وصفها النبي محمد بأنها أوَّاهة. عُرف عن زينب بنت جحش حبها للخير وكثرة تصدُّقها، حتى عُرفت بأم المساكين، كما عُرف عنها زهدها في الدنيا.
وقد روت زينب بنت جحش عن النبي محمد طائفة من الأحاديث، وروى عنها ابن أخيها محمد بن عبد الله والقاسم بن محمد وكلثوم بن المصطلق الخزاعي، وأم حبيبةوزينب بنت أبي سلمة. كما كانت آية الحجاب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا في شأن وليمة عرسها على النبي محمد، حيث أطال بعض القوم المقام بعد الوليمة، فنزلت تلك الآية ونزل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ في حادثة هجر النبي لبعض زوجاته بعد أن تواطئن لمكث النبي محمد عند زوجته زينب بنت جحش.
وفاتها
توفيت زينب بنت جحش سنة 20 هـ، وعمرها 53 سنة، وحين حضرتها الوفاة قالت: «إني أعددت كفني، فإن بعث عمر لي بكفن فتصدقوا بأحدهما، وإن استطعتم إذا دليتموني أن تتصدقوا بحقوتي فافعلوا.» وقد ماتت ولم تترك درهماً ولا ديناراً، ودفنت بالبقيع. وقد صلى عليها الخليفة وقتئذ عمر بن الخطاب، وأنزلها في قبرها ابن أخيها محمد بن عبد الله بن جحش وأسامة بن زيد وعبد الله بن أبي أحمد بن جحش وابن أختها محمد بن طلحة بن عبيد الله. وقد بيع منزلها للوليد بن عبدالملك حين عزم على توسعة المسجد النبوي بخمسين ألف درهم.
شموعه حلوه و سارة سرسور يعجبهم هذا الموضوع
سارة سرسور مشرفة
الأوسمة : اللهم اغفر لي وأحسن خاتمتي 2227 تاريخ التسجيل : 09/01/2021 العمر : 34 الموقع : مصر - الغربية الحمد لله
موضوع: رد: ام المؤمنين زينب بنت جحش رضى الله عنها الخميس نوفمبر 10, 2022 2:07 am
_______________
جميع موضوعاتي وردودي هنا صدقة جارية لروح والدي أحمد ابن منيرة