ثانيا: تعريف الفقه:
أ – تعريف الفقه لغة:
الفقه بكسر الفاء: العلم بالشيء، والفهم له، والفطنة، يقال: (فقه الرجل) بكسر القاف إذا فهم وعلم وفطن، و(فقه) بضم القاف يستعمل في النعت، يقال (فقه) الرجل إذا صار فقيها، وصار له الفقه نعتا وسجية.
وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل اللغة، وهو أن الفقه بمعنى الفهم المطلق.
وخصه جماعة بفهم الأشياء الدقيقة الخفية.
واستعمال لفظة (فقه)، وما يشتق منها في القرآن الكريم يرشد إلى أن المراد منه ليس مطلق العلم بل دقة الفهم، ومعرفة غرض المتكلم من كلامه، من ذلك قوله سبحانه وتعالى: ((قالوا يا شعيب ما نفقه كثير مما تقول)) وقوله تعالى: ((فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا)).
وإلى هذا المعنى يرجع تعريف أبي إسحاق الشيرازي: “الفقه في اللغة إدراك الأشياء الخفية “.
ب – تعريف الفقه اصطلاحا:
عرف الفقه في الاصطلاح بتعريفات كثيرة، لعل من أشهرها وأكثرها شيوعا وشمولا تعريفه بأنه: “العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية”
فالأحكام: جمع حكم، وهو إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه بواسطة. فإن كانت هذه الواسطة هي العقل كان الحكم عقليا، سواء توصل إليه العقل بالبداهة كقولنا: الواحد نصف الاثنين أو عن طريق إعمال النظر، كقولنا الواحد نصف خمس العشرة. وإن كانت الواسطة هي العادة والتجربة، كان الحكم عاديا وتجريبيا. كقولنا النار محرقة. وإن كانت الواسطة هي الشرع، كان الحكم شرعيا، كقولنا: الصلاة واجبة، والربا حرام
الشرعية: أي المنسوبة إلى الشرع، وهو قيد لإخراج الأحكام غير الشرعية كالأحكام العرفية
أو اللغوية أو العقلية والعادية وغيرها.
العملية: المتعلقة بما يصدر من الناس من أفعال، كالصلاة والحج والبيع، وهو قيد لإخراج الأحكام
الشرعية غير العملية، وهي الأحكام الاعتقادية.
من أدلتها أي من أدلة الأحكام الشرعية، وهو قيد يخرج ما علم من غير دليل، كعلم المقلد الذي لم يجتهد
في تحصيل الأحكام من الأدلة الشرعية
التفصيلية: وهو قيد لإخراج الأدلة الإجمالية، كمطلق الأمر ومطلق الإجماع، فالبحث فيها من شأن علم أصول الفقه، أما الفقيه فعمله أن يرد كل نازلة إلى دليلها التفصيلي ويستنبط حكمها منه.
فالفقه بهذا المعنى، كما نص عليه الدكتور محمد الروكي: عمل بشري، قوامه الجهد الفكري والعلمي والقدرة العقلية على فهم نصوص الشرع، وأصوله ومقاصده، واستنباط أحكامه وفق منهاجه المرسوم
.