زمن العزة في غزوة القادسية طلب " رستم " قائد الفرس من " سعد بن
أ
بي وقاص " قائد المسلمين ـ رضي الله عنه ـ أن يبعث إليه رجلاً
من رجاله ، فاختار له " سعد " أسدًا من أسوده ، وهو " ربعي بن
عامر " ـ رضي الله عنه ـ
وقبل قدوم " ربعي " ـ رضي الله عنه ـ لجأ " رستم " إلى
طريقة الأغراء ، فزين له مجالسه بالنمارق ، وأظهر اللآلئ
والياقوت والأحجار الكريمة
غير أنهم فوجئوا برجل قصير
القامة ، عليه ثياب غليظة ،
وأسلحة متواضعة ، وفرس صغير ، ولم يزل " ربعي " ـ رضي
الله عنه ـ راكبـًا فرسه حتى داست على الديباج والحرير ، ثم
نزل عنها وربطها في قطع من الحرير مزقها
وأقبل على " رستم " فقالوا له : "
ضع سلاحك
فقال : " إني لم آتيكم ، وإنما دعوتموني ، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت "
:فقال " رستم " : " ائذنوا له " ،
فأقبل ـ رضي الله عنه ـ يتوكأ على رمحه فوق النمارق ، فخرق أكثرها ،
فقال له " رستم " : " ما الذي جاء بكم " ؟
فقال : " إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى
عبادة رب العباد ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور ا
الأديان
إلى عدل الإسلام ، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه ، فمن
قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى ن
نفضي إلى موعود الله "
فقال " رستم " وما موعود الله " ؟
قال : " الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقى "
قال " رستم " : " قد سمعت مقالتك ، فهل لكم أن تؤخروا
هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا " ؟ ،
قال : " نعم كم أحب إليكم ؟ يومـًا أو يومين ؟ ":
قال : " لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا "
فقال : " ما سن لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ان نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث ، فانظر في أمرك
وأمرهم واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل "
قال " رستم " : " أسيدهم أنت " ؟ ،
قال : " لا ، ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم " ،
فاجتمع " رستم " برؤساء قومه
فقال : " هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل " ؟
فقالوا : " معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا وتدع دينك
إلى هذا الكلب ! ، أما ترى من ثيابه " ؟
فقال : " ويلكم لا تنظروا إلى الثياب ، وانظروا إلى الرأي والكلام
والسيرة ، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل ، ويصونون
الأحساب " .