*[ سِلْسِلَةُ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الـدِّينِ ]
لِلْإِمَامِ / عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ بَـازٍ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ -
{ فَتَاوَىٰ فِقْهِيَّة مُخْتَارَة : كِـتَـابُ الطَّهَارَةِ : بَـابُ التَّيَمُّمِ }
[ العَدَد: ٢ ]*
*________________________________*
*[ حُـكْـمُ التَّيَمُّمِ مَـعَ وُجُـودِ الـمَـاءِ ]*
*<< الــسُّـــؤَالُ >>*
مَـا حُـكْـمُ التَّيَمُّمِ مَـعَ وُجُـودِ الـمَـاءِ؟.
*<< الــجَـــوَابُ >>*
الحمدُ لِلهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ رسولِ اللهِ، وعلىٰ آلِهِ وأصْحَابِهِ، أَمَّـا بَــعْــدُ:
*فَقَدْ ذَكَـرَ لِي بَعْضُ الثِّقَاتِ: أنَّ بَعْضَ البَادِيَةِ يَسْتَعْمِلُونَ التَّيَمُّمَ لِلصَّلاةِ، مَعَ تَوَافُرِ المَاءِ لَدَيْهِمْ؛ وَهَـذَا مُـنْـكَــرٌ عَــظِـيـمٌ، يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الوُضُوءَ لِلصَّلاةِ، شَـرْطٌ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهَا عِنْدَ وُجُودِ المَاءِ؛*
كما قال تعالىٰ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَىٰ الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَىٰ الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عن رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَـالَ:«لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّىٰ يَتَوَضَّأَ».
وَقَدْ أَبَـاحَ اللهُ سبحانه وتعالىٰ التَّيَمُّمَ، وَأقَامَهُ مَقَامَ الوُضُوءِ، في حَـالِ فَقْدِ المَاءِ، أوِ العَجْزِ عَنِ استعماله، لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ؛ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَىٰ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا﴾.
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَـالَ: كُـنَّـا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي سَـفَـرٍ، فَصَلَّىٰ بِالنَّاسِ، فَـإِذَا هُـوَ بِـرَجُـلٍ مُـعْـتَـزِلٍ،
فَقَالَ:«مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ؟» قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ، قَـالَ ﷺ:«عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ» [ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ].
*وَمِنْ هَذَا يُعْلَم: أَنَّ التَّيَمُّمَ لِلصَّلَاةِ؛ لَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ المَاءِ وَالقُدْرَةِ عَلَىٰ اسْتِعْمَالِهِ، بَـل الوَاجِبُ عَلَىٰ المُسْلِمِ؛ أَنْ يَسْتَعْمِلَ المَاءَ فِي وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ مِنَ الجَنَابَةِ أَيْنَمَا كَانَ، مَـا دَامَ قَـادِرًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِمَعْذُورٍ فِي تَـرْكِـهِ والِاكْتِفَاءِ بِالتَّيَمُّمِ، وَتَكُون صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ غَيْر صَحِيحَة؛ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا، هُـوَ: الطَّهَارَةُ بِالمَاءِ عِنْدَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ.*
*وَكَثِيرٌ مِنَ البَادِيَةِ - هَـدَاهُـمُ اللهُ - وغيرهم مِمَّنْ يَذْهَبُ إلىٰ النُّزْهَةِ، يستعملون التَّيَمُّمَ، والماء عندهم كثيرٌ، والوُصُولُ إليه مُيَسَّرٌ، وَهَـذَا بِلَا شَكٍّ، تَسَاهُلٌ قَبِيحٌ، وَعَمَلٌ مُنْكَرٌ لا يَجُوزُ فِعْلُهُ؛ لِكَوْنِهِ خِلَاف الأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة، وَإِنَّمَا يُعْذَرُ المُسْلِمُ فِي اسْتِعْمَالِ التَّيَمُّمِ؛ إذَا بَعُدَ عَنْهُ المَاءُ، أَوْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ مِنْهَا إِلَّا اليَسِير الَّـذِي يَحْفَظهُ لِإِنْقَاذِ حَيَاتِهِ وَأَهْلِهِ وَبَهَائِمِهِ، مَعَ بُعْدِ المَاءِ عَنْهُ.*
*فَـالـوَاجِبُ عَلَىٰ كُـلِّ مُسْلِمٍ أَيْنَمَا كَـانَ؛ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ سُبْحَانَهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، وَأَنْ يَحْذَرَ مَا حَـرَّمَـهُ اللهُ عَلَيْهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ: التَّيَمُّمُ مَـعَ وُجُـودِ المَاءِ وَالقُدْرَةِ عَلَىٰ اسْتِعْمَالِهِ.*
*وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا وَالمُسْلِمِينَ جَمِيعًا لِلْفِقْهِ فِي دِينِهِ، وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُعِيذَنَا جَمِيعًا مِنْ شُرُورِ أُنْفُسِنَا، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، إِنَّهُ جَـوَادٌ كَـرِيـمٌ، وَصَلَّى اللهُ عَلَىٰ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ.*
*----------------------------------------*
*[ المَصْدَرُ : مَجْمُوعُ فَتَاوَىٰ وَمَقَالَات مُتَنَوِّعَة جـــــ ١٠ / صـــــ / ١٩٠ - ١٩٢ ]*
-----------------------------------------