أنشقاق القمر
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه
و سلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما رواه البخاري ومسلم
فكان هذا الانشقاق _كما قال الخطابي_ آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء؛
وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجًا من جملة طباع ما في هذا العالم
المركب من الطبائع فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة فلذلك صار البرهان به أظهر
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى هذه المعجزة في كتابه العزيز فقال عز من قائل:
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ {1} وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ {2}
وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ {3} وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ {4}
حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ سورة القمر آيات من 1 الى 5
ونقل الحافظ بن كثير الإجماع على أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى الله
عليه و سلم وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات وأن الأحاديث التي وردت
بذلك متواترة من طرق متعددة تفيد القطعومع عظم هذه المعجزة
فإن أهل مكة المعاندين لم يصدقوا ولم يذعنوا بل استمروا على كفرهم وإعراضهم وقالوا:
سحرنا محمد فقال بعضهم لئن كان سحرنا ما يستطيع أن يسحر الناس كلهم
فسألوا من قدم عليهم من المسافرين فأخبروهم بنظير ما شاهدوه فعلموا صحة ذلك وتيقنوه
تكثير الماء ونبعه من بين ايديه الشريفه صل الله عليه وسلم
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: عطش الناس يوم الحديبية
والنبي صلى الله عليه و سلم بين يديه ركوة (إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء)
فتوضأ فجهش الناس نحوه - و الجهش: أن يفزع الإنسان إلى الإنسان
وهو مع ذلك يريد أن يبكي كالصبي يفزع إلى أمه
فقال: ما لكم؟
قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك فوضع يده
في الركوة فجعل الماء يثور بين أصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا
قلت: كم كنتم؟
قال: لو كنا مئة ألف لكفانا كنا خمس عشرة مئة - رواه البخاري ورواه مسلم مختصرًا
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم
وحانت صلاة العصر فالتمس الوضوء فلم يجدوه فأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم
بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه و سلم يده في ذلك الإناء
فأمر الناس أن يتوضأوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس
حتى توضأوا من عند آخرهم رواه البخاري ومسلم
قال المزنى- رحمه الله- نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه و سلم
أبلغ فى المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى عليه السلام
بالعصا فتفجرت منه المياه لأن خروج الماء من الحجارة معهود,
بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم