مقاصد السورة
تضمنت السورة الكريمة مقاصد الإسلام الرئيسة وكلياته الأساسية؛
ففيها إقامة الدليل على أن القرآن كتاب هداية ليُتَّبَع في كل حال،
وأعظم ما يهدي إليه الإيمان بالغيب، الذي أعربت عنه قصة البقرة،
التي مدارها الرئيس على الإيمان بالغيب؛
فلذلك سميت بها السورة؛
لأن إحياء ميت بمجرد ضربه ببعض أجزاء تلك البقرة أقوى دلالة على قدرته سبحانه.
وعلى الجملة، فإن هذه السورة -على طولها- تتألف وحدتها الموضوعية من:
مقدمة، وأربعة مقاصد، وخاتمة.
أما المقدمة:
فقد تضمنت التعريف بشأن هذا القرآن، وبيان أن ما فيه من الهداية قد بلغ حداً من الوضوح،
لا يتردد فيه ذو قلب سليم، وإنما يعرض عنه من لا قلب له، أو من كان في قلب مرض.
والمقصد الأول: يتجه إلى دعوة الناس كافة إلى اعتناق الإسلام، ونبذ ما سواه من الأديان.
والمقصد الثاني: تضمن الحديث عن أهل الكتاب، والدعوة إلى ترك باطلهم، والدخول في دين الإسلام.
والمقصد الثالث: تضمن عرض شرائع هذا الدين تفصيلاً.
والمقصد الرابع: فقد تضمن ذكر الوازع الديني، الذي يبعث على ملازمة تلك الشرائع، ويعظم مخالفتها.
أما الخاتمة:
فقد اشتملت على التعريف بالذين استجابوا لهذه الدعوة الشاملة لتلك المقاصد،
وبيان ما يرجى لهم في آجلهم وعاجلهم.
وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" كلاماً يطول نقله هنا عن مقاصد هذه السورة، حاصله:
أنها اشتملت على تقرير أصول العلم، وقواعد الدين النظرية والعملية.
أخيراً،
فقد روى مالك في "الموطأ" أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مكث على سورة البقرة
ثماني سنين يتعلمها. أي: يتعلم فرائضها وأحكامها، مع حفظه لها.
وهذا إن دلَّ على شيء، فإنما يدل على أهمية هذه السورة ومكانتها؛
لما اشتملت عليه من أحكام العقيدة، وأحكام العبادات والمعاملات بأنواعها.