الحياة الدنيا هي سحورالآخرة

سرحت بعض الوقت في معنى السحور، صحيح أنه سنة نبوية وأنه يفيدنا في التقوّي على الصيام خلال اليوم ويساعد في تأخير الشعور بالجوع، لكن على صعيد آخر فالسحور يعلمنا الاستثمار.

أوسع تعريفات الاستثمارهو:

عقلية الاستثمار تعني أن تدرك أنك يجب أن تضحي بمبلغ من المال الذي تملكه حاليا لتشارك به في عمل ما على أمل أن تحصل على ما ضحيت به بالإضافة إلى مقابل تضحيتك وصبرك، وأن تضحي بوقت فراغك الحالي لتتعلم ما يمكن أن تستفيد به مستقبلا في سوق العمل فتجني ثمار ذلك فوائد متنوعة ومتزايدة، وأن تضحي براحتك الحالية للعمل على ما ترجو أن يكون له مردود إيجابي عليك مستقبلا، وهكذا.

تعلمنا تجارب السحور أن من الأفضل أن نضحي بالأطعمة التي نشتهيها كي يكون صومنا أسهل طوال اليوم، وأن نتناول أطعمة معينة

(التمر، الحليب، الموز، الخيار، البيض وغيرها من الأغذية الغنية بالبوتاسيوم أو الألياف أو الماء)،

فتكون الرسالة تخلوا عن متعتكم الحالية القصيرة لتحصلوا على الراحة لساعات طويلة.
يرتقي مفهوم الاستثمار إلى أن يصل إلى أكبر استثمار يمكن أن نقوم به، بل نحن مخلوقون من أجله:

عن عمره فيم أفناه
وعن علمه فيم فعل فيه
وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه
وعن جسمه فيم أبلاه"

فمن المنطقي أن نقول إن الحياة الدنيا هي سحورالآخرة واستثمارها:

نمتنع عن أشياء في هذه الحياة لنهنأ في الحياة الدائمة، ونبذل من وقتنا ومالنا وجهدنا على حساب فراغنا وراحتنا ومتعتنا طمعا في زيادة مكافآتنا في الآخرة، سحور الحياة إما أن تكون نعيما مقيما أو عذابا أليما.

هل يمتلئ عمرك ببذلك للجهد والوقت والمال في العبادات ونفع الناس على حساب راحتك وفراغك ومتعتك الوقتية؟ هل أمسكت عن المحرمات وعن اللغو؟
هل ضحيت بما فيه الكفاية لتفيد غيرك بعلمك؟
هل أمسكت عن المال الحرام والمشبوه؟ وأنفقت فيما يرضي الله؟
هل سخّرت جهدك في طاعة الله وفي نفع الناس؟
الحياة الدنيا سحور الآخرة، إذا غفلت فتذكر العطش الذي قد يصيبك إذا تناولت شيئا تشتهيه في السحور وأنت تعلم أنه يسبب لك العطش في الصيام، وتذكر الراحة التي تشعر بها إذا كنت قد استعددت بشكل صحيح.