فاطمة الزهراء هي فاطمة بنت محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-، ابنته من زوجته خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصي -رضي الله عنها-، ويُشار إلى أنّ نسل الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لم يستمرّ إلّا عن طريق فاطمة الزهراء -رضي الله عنها
مولد السيدة فاطمة الزهراء
تُعَدّ السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- أصغر بنات النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، على خِلافٍ بين العلماء بينها وبين رقية -رضي الله عنهما-، وقد ورد في ترتيب بنات النبيّ أنّ الأولى كانت زينب، ثمّ رقيّة، ثمّ أمّ كلثوم، ثمّ فاطمة -رضي الله عنهنّ-وقد وُلِدت فاطمة -رضي الله عنها- قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بخمس سنواتٍ، في العام الذي أعادت فيه قريش بناء الكعبة، وعليه فقد كان عُمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حين ولادتها خمسة وثلاثين عاماً.
زوج فاطمة الزهراء وأولادها
زواج فاطمة الزهراء من عليّ بن أبي طالب وافق النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على خِطبة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- من ابنته فاطمة الزهراء، ولمّا سَمِعَ علي -رضي الله عنه- جواب النبيّ سجد شُكراً لله -تعالى-؛ لِما تفضّل الله وامتنّ به عليه من مصاهرته لنبيّه، ودعا لهما النبيّ بالبركة، والذرّية الطيّبة، وشهد على زواجهما جمعٌ من الصحابة، منهم: أبو بكر الصدّيق، وعمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، وطلحة بن عُبيدالله، والزُّبير من المهاجرين، وغيرهم من أنصار الصحابة، وكان الصدّيق والخطّاب قد خَطبا فاطمة قبل عليّ، إلّا أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ردّهما ردّاً جميلاً، كأنّه أراد أن يخصّ عليّ بن أبي طالب بها.
أبناء فاطمة الزهراء وبناتها
رُزِقت السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- بعددٍ من الأبناء والبنات، ويُشار إلى أنّ جميعهم
كانوا من عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وهم:
الأبناء: الحسن، والحسين، ومُحسن.
البنات: زينب، وأمّ كلثوم.
مَحبّة النبيّ لفاطمة الزهراء كانت السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- من أحبّ الناس إلى قلب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من أهل بيته، ومن مظاهر حبّه لها: موقفه -صلّى الله عليه وسلّم- عندما كان يقوم لفاطمة -رضي الله عنها- إذا دخلت عليه، ويُقبّلها على رأسها، ويُجلسها في مَجْلِسه؛ تكريماً لها، ولمنزلتها عنده، روى الإمام البخاريّ في صحيحه عن الصحابيّ المسور بن مخرمة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فمَن أغْضَبَها أغْضَبَنِي) كما أنّه -صلّى الله عليه وسلّم- كان يكره ما تكرهُه ابنته فاطمة. موقفه -صلّى الله عليه وسلّم- عندما كان يبدأ بالدخول والسلام على فاطمة الزهراء إن رجع من سفرٍ أو غزوٍ، فيدخل المدينة بعد أن اشتاقت نفسه إليها، ويدخل المسجد فيصلّي فيه ركعتين، كما روى كعب بن مالك في الحديث الطويل في قصة تخلّفه عن غزوة تبوك، إذ قال -رضي الله عنه-: (كان إذا قدِم مِن سفرٍ فعَل ذلك: دخَل المسجدَ فصلَّى فيه ركعتينِ)، ثمّ كان النبي -عليه السلام- يذهب إلى بيت ابنته فاطمة -رضي الله عنها-، ممّا يدلّ على شدّة حبّه ومودّته لها، وإكرامه إيّاها، وعلى مكانتها ومنزلتها -رضي الله عنها-. موقف السيّدة فاطمة عند وفاة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ إنّه حين دخلت عليه في آخر لحظات حياته، وبعد أن أكرمها، ورحّب بها، وأجلسها إلى جانبه، أسرَّ لها حديثاً فبكت، ثمّ أسرَّ لها مرةً أخرى فضحكت؛ وذلك أنّه أخبرها في الأولى أنّه ميّتٌ، وفي الثانية أنّها أوّل أهله لحاقاً به، وفي ذلك روى الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَرْحَبًا بابْنَتي ثُمَّ أجْلَسَهَا عن يَمِينِهِ، أوْ عن شِمَالِهِ، ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلتُ: ما رَأَيْتُ كَاليَومِ فَرَحًا أقْرَبَ مِن حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قالَ: فَقالَتْ: ما كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى قُبِضَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلْتُهَا. فَقالَتْ: أسَرَّ إلَيَّ: إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ).منزلة فاطمة الزهراء تمتلك السيّدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- منزلةً رفيعةً في الإسلام، ويظهر ذلك جليّاً في العديد من الأمور، والتي منها أنّها: كانت -رضي الله عنها- خير نساء العالَمين، وما ورد في فضل عائشة -رضي الله عنه- أنّها أفضل النساء فمَردُّه إلى فَضلها في العِلم، وقد عدّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فاطمة من أفضل نساء الأرض، كما ورد في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبيّ قال: (حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ). كانت -رضي الله عنها- سيّدة نساء أهل الجنة، فكما أنّ السيّدة فاطمة -رضي الله عنها- سيّدة نساء العالَمين في الدنيا، فهي كذلك سيّدة نساء أهل الجنة، ففي حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ هذا مَلَكٌ لم ينزِلْ الأرضَ قطُّ قبلَ اللَّيلةِ، استأذَنَ ربَّه أن يُسلِّمَ عليَّ ويُبشِّرَني بأنَّ فاطمةَ سيِّدَةُ نساءِ أهلِ الجنَّةِ، وأنَّ الحسنَ والحُسَينَ سَيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّةِ)، وكذلك في حديث عائشة حين أسرَّ النبيّ -صلّى الله عيه وسلّم- إلى فاطمة قبل وفاته؛ فقد ورد في إحدى الروايات أنّه قال لها: (أنتِ سَيِّدةُ نِساءِ أهلِ الجنَّةِ).وفاة فاطمة الزهراء تُوفِّيت السيّدة فاطمة الزهراء -رضي الله عنها- في الثالث من شهر رمضان من السنة الحادية عشرة للهجرة النبويّة، وكانت قد أوصت قبل وفاتها أن تُغسّلها أسماء بنت عميس -رضي الله عنها-، فغسّلتها مع عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-، ثمّ صلّى عليها مع العبّاس بن عبدالمطلب -رضي الله عنه-