معانى بعض الكلمات
وَالضُّحَى صدر النهار حي ترتفع الشمس.
سَجَى الليل إذا اشتد ظلامه وغطى الكون.
وَدَّعَكَ تركك.
قَلَى أي: وما أبغضك.
فَآوَى أي: جعل لك مأوی تأوي إليه وضمك إلى من يكفلك.
عَائِلًا فقيرا.
فَلَا تَقْهَرْ فلا تسيء معاملته وتحتقره وتظلمه.
فَلَا تَنْهَرْ فلا تزجر وترد بغلظة.
المعنى العام للسورة
سورة الضحى مكية، وهي تتناول شخصية النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم،
وما حباه الله به من الفضل والإنعام في الدنيا والآخرة، ليشكر الله
على تلك النعم الجليلة.
ابتدأت السورة الكريمة بالقسم على جلالة قدر الرسول صلى الله عليه وسلم وأن ربه
لم يهجره ولم يبغضه كما زعم المشركون، بل هو عند الله رفيع القدر،
عظیم الشأن والمكانة:
(وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى . مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى .
وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى).
ثم بشرته بالعطاء الجزيل في الآخرة، وما أعده الله تعالی لرسوله من أنواع الكرامات،
ومنها الشفاعة العظمى:
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى).
ثم ذكرته بما كان عليه في الصغر، من اليتم والفقر، والفاقة، والضياع، فآواه ربه وأغناه،
وأحاطه بكلأه وعنايته:
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى . وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى . وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى).
وختمت السورة بتوصيته صلى الله عليه وسلم بوصايا ثلاث، مقابل تلك النعم الثلاث،
ليعطف على اليتيم، ويرحم المحتاج، ويمسح دمعة البائس المسكين:
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ . وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ . وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ).
وهو ختم يتناسق فيه جمال اللفظ مع روعة البيان.
سبب النزول:
ولقد كان لنزول هذه السورة الشيء الكثير من تثبیت قلب النبي صلى الله عليه وسلم
وأصحابه وفي ذلك يروی جندب بن سفیان رضى الله عنه فيقول:
مرض رسول الله، فلم يقم ليلتين أو ثلاثا، فجاءت امرأة من قريش
فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك،
لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث، فأنزل الله عز وجل:
(وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى . مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).
فتعالوا بنا لنتعايش بقلوبنا مع تفسير سورة الضحی:
(وَالضُّحَى . وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى).
أقسم الله جل وعلا بوقت الضحى وما جعل فيه من الضياء..
وأقسم بالليل إذا اشتد ظلامه وغطى الكون كله.
(مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)
هذا هو جواب القسم.
أي: ما تركك ربك يا محمد منذ اختارك ولا أبغضك منذ أحبك..
وهذا رد على المشركين الذين قالوا: هجره ربه.
(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى)
أي: وللدار الآخرة خير لك من هذه الحياة الدنيا.. لأن الدنيا فانية
أما الآخرة فهي الباقية.
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
أي: سوف يعطيك ربك في الدنيا والآخرة كل ما تطلب حتى ترضى..
وهذا الذي حدث.
فقد أعطاه الله تعالى في الدنيا النصر والظفر على الأعداء وكثرة الأتباع والفتوح،
وأعلى دينه، وجعل أمته خير الأمم، وأعطاه في الآخرة الشفاعة العامة،
والمقام المحمود، وغير ذلك من خيري الدنيا والآخرة ..
ثم لما وعده بهذا الوعد الجليل، ذكره بنعمه عليه في حال صغره ليشكر ربه فقال:
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى)
أي: ألم تكن يا محمد يتيما في صغرك، فآواك الله إلى جدك عبد المطلب،
وبعد وفاته آواك إلى عمك أبي طالب وضمك إليه؟
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى)
أي: وجدك تائها عن معرفة الشريعة لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان فعلمك
ما لم تكن تعلم وهداك إلى معرفة الشريعة والدين الحق.
(وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى)
أي: ووجدك فقيرا محتاجا فأغناك عن الخلق، بما يسر لك من أسباب التجارة..
ولما عدد عليه هذه النعم الثلاث، وصاه بثلاث وصایا مقابلها فقال:
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)
أي: فأما اليتيم فلا تحتقره ولا تؤذه ولا تضره ولا تهنه.
(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)
أي: وأما السائل المستجدي الذي يطلب مساعدة عن حاجة وفقر، فلا تزجره إذا سألك،
ولا تغلظ له القول بل أعطه، أو رده ردا جميلا.
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)
أي: حدث الناس بفضل الله وإنعامه عليك؛ فإن التحدث بالنعمة شكر لها.
يقول ابن عباس فيها رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت ربي
عز وجل مسألة وودت أني لم أكن سألته إياها، قلت: يا رب، إنه قد كان قبلی رسل،
منهم من كان يحيي الموتى، ومنهم من سخرت له الريح.
فقال تبارك وتعالى: ألم أجدك ضالا فهديتك، وعائلا فأغنيتك؟
قلت: بلى يا رب.
قال: ألم أجدك يتيما فآويتك؟
قلت: بلى يا رب.
فوددت أني لم أكن سألته».