بسم الله الرحمن الرحيم
في صباح يوم مشمس توجه أخ وأخته إلى المدرسة وكان من الضروري للوصول إلى المدرسة أن يخترقا الحقول ،
والحدائق المظللة بفروع الأشجار الوارفة بدلا من أن يسيرا في الطريق الرئيسي الملئ بالأتربة وأشعة الشمس الحارقة.
أما عن الحقول والحدائق فالطقس فيها معتدل يبعث في النفس المرح والسرور.
وفي الطريق قال الأخ لأخته اسمعي يا أختي، أمامنا الوقت الكافي حتى نصل إلى المدرسة،
لكنني أرى أن الجو في المدرسة الآن سيكون خانقا ومملا، أما في الحدائق،
فالجو يبعث على المرح. ألا تسمعى هناك تغريد الطيور !
انظري إلى هذا الطائر الجميل وهو يتنقل من شجرة إلى أخرى هل تمانعي في قضاء الوقت هنا يا أختى .
. أعجبت الأخت باقتراح أخيها ووافقت، ثم ألقيا بما كان معهما من كتب وكراريس بين الحشائش
وانطلقا بين الأشجار الخضراء وأشجار الجميز كثيفة الأوراق حيث اختفيا تماما عن الأنظار.
حقيقة كان يسود حديقة الموالح جو من المسرح والصخب،
فالطيور ترفرف بأجنحتها بلا انقطاع تغرد وتشدو ويتنقل البلبل بين فروع الأشجار،
وتسعى الحشرات الصغيرة بين الحشائش.
لقد رأى الأخ والأخت في البداية جعرانا ذا لون ذهبي فقالا له:
.هيا العب معنا یا جعران .. فأجاب الجعران، كنت أتمنى ذلك، لكن ليس لدي وقت للعب..
فمن الضروري أن أبحث عن غذائي وأحصل عليها ثم تركاه
فرأيا نحلة صفراء اللون فقال لها : د هيا العبي معنا يا نحلة .. أجابت النحلة قائلة .
ليس عندي وقت للعب معكما ، فلابد لي من العمل لجمع العسل .
ثم سألا بعد ذلك النملة : ألا تلعبي معنا؟ لكن لم يكن لدي النملة الوقت للاستماع إليهما ،
إذ كانت تحمل قشة أكبر منها بثلاثة أضعاف تسير بعجل كي تكمل بناء مسكنها .
ثم توجها بعد ذلك إلى البلبل واقترحا عليه اللعب معهما.
لكن البلبل لوح بذيله المنقوش وأجابهما بأنه يقوم بتخزين كمية من الطعام الذي يحتاج إليه في فصل الشتاء،
ثم طلبا من اليمامة أن تشاركهما اللعب فأجابتهما قائلة : إنني أبني عشا لأولادي الصغار.
ولم يهتم الأرنب الذي يمتلكه حارس الحديقة بدعوة الأخ والأخت للعب معهما
إذ جرى إلى جدول الماء ليغسل فمه بعد الأكل.
لم يكن لدى الزهرة البيضاء وقت للعب مع الأطفال إذ كانت تغتنم فرصة الطقس الجميل،
وتسرع في تجهيز ثمرتها للنضج كى تصبح ثمرة لذيذة الطعم.
وشعر الطفلان بالوحدة والملل ، لأن الجميع مشغولون بعملهم ولا يريد أحد أن يضيع وقته في اللعب معهما،
بعد ذلك جريا نحو جدول الماء الذي كان يمر وسط هذه الحديقة الصغيرة، وقالا له حقا، يبدو أن عندك فراغا من الوقت فلتلعب معنا ..
فأجابهما غاضبا
ماذا تقولان ؟؟!! عندي فراغ من الوقت : يالكما من طفلين كسولين !
انظر إلى.. إنني أعمل ليلا ونهارا لا أستريح أبدا ولو لدقيقة واحدة.
ألم أسق الإنسان والحيوان :
من غيري ينظف الملابس ويدير عجلات الطواحين ويحمل المراكب على سطح الماء ويخمد الحرائق ؟
أد.. إن رأسى دائما في دوامة من كثرة ما عندي من أعمال.
أصبح الطفلان أكثر مللا.. وأخيرا فكرا في أنه من الأفضل لهما الذهاب إلى المدرسة ،
ثم يعودان إلى الحديقة للتنزه.
في ذلك الوقت لاحظ الطفل عصفورا جميلا على فرع شجرة يجلس في هدوء يغني لصغيره أغنية مرحة،
ويبدو أن لديه وقت فراغ ولا عمل له نادي عليه الطفل قائلاً يا لها من أغنية مرحة،
يبدو أنه ليس لديك عمل تقوم به، إذ إنك تقضي وقت الفراغ في الغناء
فأجاب العصفور غاضباً:
ماذا تقول إ ليس لدي ما أقوم به ؟!
ألم أقم طوال الوقت منذ الصباح الباكر بجمع ما أطعم به اولادي على فرد جناحي من كثرة المجهود الذي بذلته،
وكما ترى أغنى وأداعب أولادي الصغار بهذه الأغنية.
أما أنتما أيها الكسالى ماذا فعلتها اليوم؟
لم تذهبا إلى المدرسة ولم تذاكرا دروسكما وتتجولان هنا وهناك بدون هدف في هذه الحديقة الصغيرة
بل وتعطلان الأخرين عن العمل.
من الأفضل لكما أن تذهبا حيث أرسلكما والدكما ، وتذاكرا جيدا ،
فإن الذي يتمتع بالراحة ويستمتع باللعب ذلك الذي يعمل ويكد وينجز ما يجب عليه أن يفعله،
وهنا شعر الطفلان بالخجل الشديد فذهبا على الفور إلى المدرسة
على الرغم من أن وصولهما كان متأخرا إلا أنهما اجتهدا لكي يعوضا ما فاتهما من الدروس
وتصبحون علي خير