عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله علية وسلم قال : اجتنبوا السبع الموبقات
قالوا : يا رسول الله وما هن ؟
قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، واكل الربا ،
وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات
وهذا حديث مهم ، حذر النبي صلى الله عليه وسلم فيه من الموبقات السبع ،
والموبقات : المهلكات ونأتي على ذكر كل واحدة من هذه المعاصي باختصار فنقول
أولا :الشرك بالله
فأكبر الكبائر (الشرك بالله تعالى) وهو نوعان
أحدهما : أن يجعل لله ندا ويعبد معه غيره من حجر أو شجر أو شمس أو قمر
أو نبي أو شيخ أو نجم أو ملك أو غير ذلك وهذا هو الشرك الأكبر الذي ذكره الله تعالى
قال الله عز وجل : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )
ومن مات مشركا ـ والعياذ بالله ـ ، حرم الله عليه الجنة ومأواه النار
قال تعالى : (أنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار)
والآيات في ذلك كثيرة فمن أشرك بالله مات مشركا فهو من أصحاب النار قطعا ،
كما أن من أمن بالله ومات مؤمنا فهو من أصحاب الجنة إن عذب بالنار
ومن الشرك الأكبر : الذبح والنذر لغير الله
ومن الشرك الأكبر : السحر والكهانة والعرافة
ومن الشرك الأكبر: اعتقاد النفع في أشياء لم تشرع :كاعتقاد النفع
في التمائم والعزائم ونحوها
ومن الشرك الأكبر : الطواف حول القبور وعبادتها الاستعانة بأصحابها ،
باعتقاد أنهم ينفعونهم ويقضون لهم حاجاتهم . وهكذا دعائهم ونداءهم عند
حصول الكربات والمكروهات
ومن الشرك الأكبر : تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله
والنوع الثاني من الشرك : الرياء بالأعمال كما قال تعلى :
(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)
أي لا يرائي بعمله أحدا
والرياء : هو طلب المنزلة في قلوب الناس ، من غير صدق قي نفسه ،
والتكلف بفعل خصال الخير ليقال عليه كذا وكذا ، فما له في الآخرة من ثواب ،
لأنه لم يقصد وجه الله
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : إياكم والشرك الأصغر
قالوا : يا رسول الله وما الشرك الأصغر ؟
قال : الرياء ، يقول الله تعالى يوم يجازى العباد بأعمالهم :
أذهبوا إلى الذين كنتم تراءونهم بأعمالكم في الدنيا فنظروا هل تجدون عندهم جزاء
وهذا النوع من الشرك لا يخرج من الملة
ومن الشرك الأصغر : الطيرة وهى التشاؤم ويدخل فيه التشاؤم ببعض الشهور
أو الأيام أو بعض الأسماء أو أصحاب العاهات
ومن الشرك الأصغر ـ أيضا ـ : الحلف بغير الله : كالحلف بالأباء أو الأمهات أو الأولاد ،
أو الحلف بالأمانة أو الحلف بالكعبة ، أو الشرف ،أو النبي ، أو جاه النبي ،
أو الحلف بفلان ، أو بحياة فلان ، أو الحلف بالولي بغير ذلك كثير : فلا يجوز
قال الفضيل بن عياض ـ رحمه الله تعالى ـ : (ترك العمل أجل الناس رياء ،
والعمل للأجل الناس شرك ، والإخلاص آن يعافيك الله منهما ).
اللهم عافينا منهما وأعف عنا
ثانيا : السحر
لأن الساحر لا بد وأن يكفر
قال الله تعالى : (ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر)
وما للشيطان الملعون غرض من تعليمه الإنسان السحر إلا ليشرك به قال الله تعالى
مخبرا عن هاروت وماروت : (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر
فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا
بأذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق)
أي من نصيب .فترى خلقا كثيرا من الضلال يدخلون في السحر ويظنونه حراما فقط ،
وما يشعرون أنه الكفر فيدخلون في تعليم الكيمياء وعملها وهي محض السحر ،
وفي عقد الرجل عن زوجته ، وهو سحر ، وفي محبة الرجل للمرأة وبغضها له ،
أشباه ذلك بكلمات مجهولة أكثرها شرك وضلال
وحد الساحر : (القتل) لأنه كفر بالله أو مضارع الكفر . فليتق العبد ربه
ولا يدخل فيما يخسر به الدنيا والآخرة
عن بجالة بن عبدة أنه قال : (أتانا كتاب عمر رضي الله عنه قبل
موته بسنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة )
ولقد أنتشر في هذا الزمان اللجوء إلى السحرة وهذا أمر محرم ،
لما يترتب عليه من أضرار تصيب عقيدة المسلم ، وتصيب ماله ،
وقد يؤدى الذهاب إليهم إلي ضياع الشرف انتهاك العرض
وفي كلام الله وسنة رسوله صلي الله علية وسلم غنية لمن أصابه السحر ونحوه ،
وعليه أن يطلب الشفاء من الله أولا ثم يلجأ ألي الأسباب الشرعية :
قال العلامة ابن باز رحمه الله : لا يجوز للمريض أن يذهب إلى الكهنة
الذين يدعون معرفة المغيبات كما لا يجوز له أن يصدقهم فيما يخبرونه به
فأنهم يتكلمون رجما بالغيب
وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما
وقال : من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
ولا يجوز للمسلم أن يخضع لما يزعمونه علاجا كنمنمتهم بالطلاسم أو صب الرصاص
ونحو ذلك من الخرافات التي يعملونها فإن هذا من الكهانة والتلبيس عل الناس
ومن رضي بذلك فقد ساعدهم على باطلهم وكفرهم وقد شرع الله سبحانه لعباده
ما يتقون به السحر قبل وقوعه وأوضح لهم سبحانه ما يعالجونه
بعد وقوعه رحمة منه لهم وإحسانا منه اليهم وإتماما لنعمته عليهم
وفيما يلي بيان للأشياء التي يتقى بها خطر السحر قبل وقوعه
والأشياء التي يعالج بها بعد وقوعه من الأمور المباحة شرعا
أما النوع الأول
هو الذي يتقى به خطر السحر قبل وقوعه فأهم ذلك وأنفعه هو التحصين بالأذكار
الشرعية والدعوات والتعويذات المأثورة ومن ذلك قرأه أية الكرسي خلف كل صلاة
مكتوبة بعد الأذكار المشروعة بعد السلام ، ومن ذلك قراءتها عند النوم
ومن ذلك قراءة قل هو الله أحد ، وقل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس ،
خلف كل صلاة مكتوبة وقراءة السور الثلاث (ثلاث مرات ).
في أول النهار بعد صلاة الفجر وفي أول الليل بعد صلاة المغرب .
ومن ذلك قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في أول الليل
النوع الثاني
ومن الأدعية الثابتة عنه صلي الله علية وسلم في علاج الأمراض من السحر وغيرة
كان صلي اله علية وسلم يرقى أصحابه : اللهم رب الناس اذهب البأس
واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما
ومن ذلك الرقية التي رقى بها جبريل النبي صلي الله علية وسلم وهى قوله :
(بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك)
- وليكرر ذلك ثلاث مرات
ومن علاج السحر بعد وقوعه ـ أيضا ـ وهو علاج نافع للرجل إذا حبس من جماع أهله
أن يأخذ سبع ورقات من السدر الأخضر فيدقها بحجر أو نحوه
ويجعلها في إناء ويصيب عليه من الماء ما يكفيه للغسل ويقرأ فيها آية الكرسي
، وسورة الكافرون ، وسورة الإخلاص والمعوذتين ،وآيات ـ إبطال السحر
ـ التي في سورة "الأعراف "
وبعد قراءة ما ذكر في الماء يشرب بعض الشيء ويغتسل بالباقي
وبذلك يزول الداء إن شاء الله تعالى وإن دعت الحاجة لاستعماله مرتين أو أكثر فلا بأس
ثالثا : قتل النفس
وأما القتل : فالمراد به الاعتداء علي المسلم بسفك دمه .
وقد ورد الوعيد الشديد علي قتل المسلم عمدا
قال تعالى : (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب
الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)
وعن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله علية وسلم :
(كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا)
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقتل والمتقول في النار)
قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المتقول ؟
قال : (لأنه كان حريصا علي قتل صاحبه)
قال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى : (هذا إنما يكون كذلك إذا لم يكون يقتلان علي تأويل
، إنما يقتلان علي عداوة بينهما وعصبية أو طلب دنيا أو رئاسة
أو علو فأما من قاتل أهل البغي على الصفة التي يجب قتالهم بها .
أو دفع عن نفسه ، أو حريمه ، فإنه لا يدخل في هذا الوعيد
، لأنه مأمور بالقتال للذب عن نفسه ، غير قاصد به قتل صاحبه ألا تراه يقول :
(إنه كان حريصا علي قتل صاحبه)
ومن قاتل باغيا أو قاطع طريق من المسلمين ، فإنه لا يحرص على قتله ،
أي يدفعه عن نفسه ، فإن انتهي صاحبه كف عنه ولم يتبعه فالحديث
لم يرد في أهل هذه الصفة ، فلا يدخلون فيه بخلاف من كان على غير هذه الصفة ،
فلا يدخلون فيه بخلاف من كان علي غير هذه الصفة فإنهم المرادون منه ، والله أعلم )
وعلى ما تقدم فقد توعد الله القاتل بأنواع من العقوبات منها
الأولى : جزاؤه جهنم وهو اسم من أسماء النار
الثانية : الخلود فيها يعنى : طول المقام إلى أجل لا يعلمه إلا الله
الثالثة : الغضب : أي :غضب الله عليه
الرابعة : اللعن وهو الطرد والإبعاد من رحمة الله
الخامسة : العذاب : على هذا الذنب الذي هو اعتداؤه على حرمة مسلم وإراقة دمه بغير حق
رابعا : أكل الربا
قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا
مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون)
والربا : هو المال الذي يؤخذ بغير حق من المعاملات الربوية المحرمة شرعا
وهو من كبائر الذنوب
قال تعالى : ( فمن جاءوه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله
ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربى الصدقات )
وقال صلي الله علية وسلم : (الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه ،
وإن أربى الربا استطالة الجل في عرض أخيه )
وقال صلي الله عليه وسلم : ( الربا سبعون حوبا أيسرها أن ينكح الرجل أمه)
ولا شك أن الربا متمكن في الأمة . فكثير من المعاملات يكون فيها ربا وأهلها لا يشعرون ،
ولكن يفعلون ذلك تقليدا أو يفعلونه ظنا منهم أنه لا إثم فيه .
فالواجب أن نبتعد عنه وألا نتعامل بالربا يحارب الله ورسوله ،
ويا خيبه من أعلن حربه على الله ورسوله لأنه خاسر لا محالة فيما أيها المرابي :
اسمع إلى قول ربك وهو يناديك :
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين
فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)
خامسا : أكل مال اليتيم
قال الله تعالى : (إن الذين يأكلون أموال اليتامى بلا سبب ، فإنما يأكلون نارا
تتأجج في بطونهم يوم القيامة)
قال السدى رحمه الله تعالى : يحشر آكل مال اليتيم ظلما يوم القامة ،
ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينه ، كل من رآه يعرفه أنه آكل مال اليتيم
وقال تعالى : في شأن أموال اليتامى : (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا) مبادرة قبل بلوغهم
ثم قال تعالى : (ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف )
قال العلماء : فكل ولى ليتيم إذا كان فقيرا فأكل من ماله بالمعروف بقدر قيامه عليه
في مصالحة ، وتنمية ماله فلا بأس عليه ، وما زاد علي المعروف أربعة أقوال و هي
أحدها : أنه الأخذ علي وجه القرض
والثاني: الأكل يقدر الحاجة من غير إسراف
والثالث : أنه أخذ بقدر إذا عمل لليتيم عملا
والرابع : أنه الأخذ ـ عند الضرورة ـ فإن أيسر قضاه ، وإن لم يوسر فهو في حل
حكى عن بعض السلف قال : ( كنت ـ في بداية أمري ـ مكبا علي المعاصي وشرب الخمر ،
فظفرت يوما بصبي يتيم فقير فأخذته وأحسنت إليه وأطعمته وكسوته ،
وأدخلته الحمام ، وأزلت شعئه : وأكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر ،
فبت ليله بعد ذلك ، فرأيت في النوم أن القيامة قامت ، ودعيت إلى الحساب ،
وأمر بي إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصي فسحبتني الزبانية ليمضوا بي إلى النار ،
وأنا بين أيديهم حقير ذليل يجرونني سحبا إلى النار
وإذا بذلك اليتيم قد اعترضني بالطريق ، وقال : خلوا عنه يا ملائكة ربى
حتى أشفع له إلى ربى ، فإنه قد أحسن إلى وأكرمني
فقالت الملائكة : إنا لم نؤمر بذلك
وإذا النداء من قبل الله ـ تعالى ـ يقول : خلوا عنه فقد وهب له ما كان منه بشفاعة
اليتيم وإحسانه إليه
قال : فاستيقظت وتبت إلى الله عز وجل ، وبذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام
وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ يقول : (صنائع المعروف تقي مصارع السوء
وصدقة السر تطفئ غضب الرب ، وصلة الحم تزيد في العمر)
سادسا : التولي يوم الزحف
وهو الفرار من القتال عندما تتقابل الصفوف وتدور رحى المعارك ،
إذا لم يزد العدو على ضعف المسلمين إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة وإن بعدت
قال الله تعالى : (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء
بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير )
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما نزلت :
(إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين)
فكتب الله عليهم أن لا يفر عشرون من مائتين
ثم نزلت : (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة
صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين)
فكتب أن لا يفر مائة من مائتين
سابعا : قذف المحصنات الغافلات المؤمنات
قال الله تعالى : (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا
والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون)
وقال تعالى :
(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم
ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون)
بين الله تعالى في الآيتين الأوليين أن من قذف امرأة محصنة حرة عفيفة
عن الزنا والفاحشة أنه ملعون في الدنيا والآخرة وله عذاب عظيم
وعاقب الله من رمى مؤمنا أو مؤمنة بفاحشة ـ في الآية الثانية ـ بثلاث عقوبات و هي
الأولى : الجلد . ( فاجلدوهم ثمانين جلدة )
الثانية : رفض الشهادة (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا )
الثالثة : الحكم عليهم بأنهم فاسقون . (وأولئك هم الفاسقون )
قال الأمام الذهبي رحمه الله تعالى : (والقذف : أن يقول لامرأة أجنبية حرة عفيفة مسلمة :
يا زانية ، أو يا باغية ، أو يا قحبة ، أو يقول لزوجها : يا زوج القحبة ،
أو يقول لولدها : يا ولد الزانية أو يا ابن القحبة
أو يقول لبنتها : يا بنت الزانية أو يا بنت القحبة .
فإن القحبة عبارة عن الزانية ،
فإذا قال ذلك أحد من رجل أو امرأة لرجل أو لامرأة كمن قال لرجل :
يا زانى ، أو قال لصبي حر : يا منكوح وجب عليه الحد ثمانون جلدة ، إلا أن يقيم بينه بذلك
والبينة كما قال الله : أربعة شهود ، يشهدون على صدقه فيما قذف به تلك المرأة
أو ذاك الرجل ، فإن لم يقم بينه جلد إذا طالبته بذلك التي قذفها أو إذا طالبه
بذلك الذي قذفه ، وكذلك إذا قذف مملوك أو جاريته بأن قال لمملوك :
يا زانى أو لجاريته يا زانيه أو يا باغية أو يا قبحة ، لما ثبت في الصحيحين
عن رسول الله صلي الله علية وسلم أنه قال : (من قذف مملوك بالزنا يقام عليه الحد
يوم القيامة إلا أن يكون كما قال) وكثير من الجهال واقعون في هذا الكلام الفاحش
الذي عليهم فيه العقوبية في الدنيا والآخرة ،
ولهذا ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال :
(إن العبد ليتكلم بالكلمة ما بين ما فيها يهوى بها في النار أبعد ما بين المشرق
والغرب وقانا الله شر ألسنتنا بمنه وكرمه)
فيا أيها العاصي : ( المقيم علي الخطايا والعصيان ، التارك لما أمر به الرحمن ،
المطيع لغوى الشيطان ، إلى متى أنت على جرمك مصر ؟!، ومما يقربك إلى مولاك تفر ؟!
، تطلب من الدنيا ما لا تدركه ؟! وتنبغي من الآخرة بما لا تملكه ؟!
لا أنت بما قسم الله لك من الرزق واثق ، ولا أنت بما أمرك به لاحق ؟!
الموعظة لا تنفعك ، والحوادث لا تردعك ، ولا الدهر يردعك ، لا داعي الموت يسمعك ،
كأنك يا مسكين لم تزل حيا موجودا ، وكأنك لا تعود نسيا مفقودا ،
فاز والله ـ المخففون من الأوزار ، وسلم المتقون من عذاب النار ، وأنت مقيم