[size=24][/size]
سودة بنت زمعة هي السيدة سودة بنت زمعة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، وإحدى زوجات رسول الله،
ونسبها هو سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود العامرية أمها الشموس بنت
قيس بن عمرو النجارية، كان زوجها في الجاهلية السكران بن عمرو العامري وهو أخو سهيل بن
عمرو خطيب مكة، وقد أسلمت وزوجها معًا ثم هاجرا مع المسلمين في الهجرة الثانية للحبشة،
وعادت بعدها معه إلى مكّة فتوفي فيها، وبعد أن أنهت عدتها قامت خولة السلمية بعرضها على
رسول الله لكي يتزوجها، وخطبها النبيّ من حاطب بن عمرو أخو زوجها المتوفّى كما كانت تريد،
وهي أولى زوجات النبيّ بعد السيدة خديجة بنت خويلد،
وقد تمّ زواجها من النبي في مكة في السنة العاشرة من بعثته صلى الله عليه وسلم،
وهاجرت معه إلى المدينة المنورة في سنة الهجرة،
كانت كريمة ، سخيّةً وخفيفة الظلّ، وقد توفيت في آخر خلافة عمر بن الخطّاب، وذلك في عام 54هجرية.
سيرة سودة بنت زمعة
أمّ المؤمنين سودة بنت زمعة القرشية العامرية، الزوجة الثانية لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
والزوجة الأولى بعد السيدة خديجة، وهي من صاحبات النسب الكريم، أخوها مالك بن زمعة وأمّها
الشموس بنت قيس الأنصارية من بني عدي، وزوجها قبل رسول الله كان السكران بن عمر،
وعندما أذن النبي للناس بالهجرة للحبشة هاجرت هي وزوجها فرارًا بدينهم من ظلم قريش،
وقد كان لهما خمس أولاد، ثم عادا مع من عادوا من الحبشة وتوفي السكران بعد ثقل عليه
المرض في مكة، وتزوجت برسول الله بعد أن قضت عدتها، وكان ذلك في سنة عشرة من البعثة
النبوية، وبقي متزوجًا منها ولم يتزوجها بغيرها قرابة الثلاث سنوات،
حتى تزوج السيدة عائشة، وقد كانت سودة سيدةً نبيلة، فاضلة ذات أخلاق كريمة، وصاحبة سيرةٍ
عطرة فقد كانت من أكثر نساء النبي لطفًا في المعشر، كما كانت صاحبة دعابة وقد استطاعت أن تعيد
الفرح والسعادة إلى قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام،
وقد كانت زوجات رسول الله يحببنها وينتظرن فرصة مداعبتها والضحك معها، كما كانت رضي الله
عنها معطاءةً، تحبّ الإكثار من الصدقات، وقد وهبت يومها مع رسول الله لعائشة رضي الله عنها،
وذلك رعايةً واهتمامًا بقلب النبي، وقد وصفتها السيدة عائشة بأنّها كانت امرأة قوية النفس،
وطال عمرها حتى بلغت عهد خلافة عمر بن الخطاب،
وتوفيت في نهاية خلافته ودفنت في المدينة المنورة.
وأمّا عن روايتها للحديث الشريف فقد روت خمسة أحاديث عن رسول الله وقد روى عنها يحيى بن عبد الله
بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري وعبد الله بن عباس، وأخرج لها البخاريّ وروى لها النسائي
وأبو داوود.
قصص من حياة سودة بنت زمعة
السيدة سودة بنت زمعة كما أدرج سابقًا هي أولى زوجات رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- بعد السيدة خديجة
بنت خويلد رضي الله عنها، وقد تزوجها الرسول وهي أرملة، وفيما يأتي عرضٌ لأهم القصص في حياة أمّ المؤمنين السيدة سودة:
قصة إسلام سودة بنت زمعة وهجرتها للحبشة
كانت السيدة سودة بنت زمعة زوجة السكران بن عمرو ولديهما خمسة من الأولاد، وقد أسلم السكران
في بدايات البعثة النبوية وأسلمت زوجه معه وبايعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة،
وعندما اشتدّ أذى قريش للمسلمين في مكة، أذن النبي للصحابة الكرام بالهجرة إلى الحبشة فرارًا بدينهم،
فهاجرت السيدة سودة وزوجها السكران بن عمرو مع من هاجروا في الهجرة الثانية للحبشة حيث كان
عددهم ثمانون رجلًا وتسع عشرة امرأة، وفي بعض الأقوال أنّ السكران قد مات بأرض الحبشة،
ولكنّ القول الراجح أنّه رجع إلى مكّة ومات فيها قبل الهجرة إلى المدينة المنورة.
قصة زواج سودة بنت زمعة من رسول الله بعد تمام عدتها،
عرضت السيدة خولة بنت حكيم السلمية زوجة عثمان بن مظعون السيدة سودة بنت زمعة على رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- ليتزوّج منها، وقد كانت سودة راغبة جدًا في هذا الزواج، فليس مثل رسول الله زوج
ورجل، وتزوجها رسول الله على صداق بلغ قدره أربعمئة درهمٍ فضّة،
وكان ذلك تصديقًا لرؤية كانت قد رأتها قبل وفاة زوجها وقصتها عليه وهي أنّها رأت في المنام بأنّ رسول
الله كان يمشي حتى وطئ عنقها، فقال لها زوجها السكران بن عمرو: "لإن صدقت رؤياكِ يا سودة
لأموتنّ وليتزوجك رسول الله صلى الله عليه وسلم"،
وكانت السيدة سودة قد نسيت أمر المنام، وكان لزواج رسول الله بها حكم كثيرة أهمها هو جبر خاطر أرملة
آمنت بالله ورسول الله وهاجرت بدينها في سبيل الله وصبرت وتحملّت كل الصعاب والأزمات، فلم يشأ رسول
الله تركها مع أهلها الذين ما زالوا في الشرك، كما كان في زواجه منها تعليم للصحابة وللأمة من النبي القدوة
أنّ مقدمة معايير اختيار الزوجة هي دينها وخلقها أمّا المال والجمال والجاه فهي أمور تأتي في المرتبة الثانية من الأهمية، وكانت السيدة سودة خير زوجة لرسول الله فقد سخّرت نفسها لرضاه، وكانت لبناته أمّا حنونًا.
قصة السيدة سودة بنت زمعة مع فرض الحجاب
كانت السيدة سودة ممن نزل فيهن آيات الحجاب فكانت أشدّ النساء تمسكًّا بالحجاب، وروي أنّها في ليلةٍ من
الليالي قد خرجت في قضاء حاجة لها، وقد كانت رضي الله عنها امرأة طويلة الجسد، فارعة الطول، مميزة
عن النساء فلا تخفى على كل من عرفها، فرآها في ليلتها عمر بنت الخطّاب فقال لها: "عرَفناكِ يا سَودَةُ"
حرصًا على نزول آيات الحجاب، فنزلت الآيات الكريمة،
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ
فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}،
وقد وردت الحادثة بالتفصيل في حديث السيد عائشة الذي ورد في صحيح مسلم: "خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ ما ضُرِبَ عَلَيْهَا الحِجَابُ لِتَقْضِيَ حَاجَتَهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً تَفْرَعُ النِّسَاءَ جِسْمًا، لا تَخْفَى
علَى مَن يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فَقالَ: يا سَوْدَةُ، وَاللَّهِ ما تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كيفَ تَخْرُجِينَ،
قالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في بَيْتِي، وإنَّه لَيَتَعَشَّى وفي يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ فَقالَتْ:
يا رَسولَ اللهِ، إنِّي خَرَجْتُ، فَقالَ لي عُمَرُ: كَذَا وَكَذَا، قالَتْ: فَأُوحِيَ إلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عنْه، وإنَّ العَرْقَ في يَدِهِ ما
وَضَعَهُ، فَقالَ: إنَّه قدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ"، فتلك قصتها رضي الله عنها مع نزول آيات الحجاب.
قصة سودة بنت زمعة مع عائشة بنت أبي بكر
كانت السيدة سودة بنت زمعة امرأةً فطنة وشديد الذكاء، كما كانت حريصة على رضى رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- وراحته، فعندما كبر سنها وأحسّت انّه من الممكن أن يطلقها رسول الله، وهبت ليلتها مع رسول
الله للسيدة عائشة حبّا برسول الله وإيثارًا لراحته على راحتها، وقد جاء في الحديث الصحيح الذي روته السيدة عائشة: "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أرَادَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ نِسَائِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا معهُ، وكانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ منهنَّ يَومَهَا ولَيْلَتَهَا، غيرَ أنَّ سَوْدَةَ بنْتَ زَمْعَةَ وهَبَتْ يَومَهَا ولَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، تَبْتَغِي بذلكَ رِضَا رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" فكان يقسم أيامه بين نسائه ولا
يقسم لها برضاها.
وفاة سودة بنت زمعة
حجّت السيدة سودة في حجة الوداع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبعد أن توفي لم تحج السيدة سودة
بعده ولزمت بيتها حتى حان أجلها، وكانت تقول: "لَا أَحُجُّ بَعْدَهَا أَبَدًا"، وتقول: "حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ فَأَنَا أَقَرُّ
فِي بَيْتِي كَمَا أَمَرَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"، كما جاء في قول لابن سيرين أنّه قد سئلت السيدة سودة: "مَا لَكِ لَا تَحُجِّينَ
وَلَا تَعْتَمِرِينَ كَمَا يَفْعَلُ أَخَوَاتُكِ؟ فَقَالَتْ: قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ، وَأَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَقَرَّ فِي بَيْتِي، فَوَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ
بَيْتِي حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَوِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا حَتَّى أُخْرِجَتْ بِجِنَازَتِهَا"، وقد توفيت رضي الله عنها
في أواخر عام 54 هجرية وعلى هذا تكون قد جلست في حجرتها قرابة أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً،
وقد توفيت في نهاية خلافة عمر بن الخطاب قد توفيت في المدينة المنورة ودفنت في البقيع، ولمّا توفيت
سجد عبد الله بن عباس فقيل له لما تسجد؟ فقال: "قال رسول الله: إذا رأيتم آية فاسجدوا"، ويقصد بأن وفاة أزواج النبي آية أي أنه أمر جلل وعظيم.