ثانياً: التقديم للاختصاص:
قد يتقدم المفعول على فعله أو يتقدم الجار والمجرور أو الظرف والحال ونحو ذلك لأجل فضيلة الاختصاص،
وهو “إما بالتعيين في التردد، أو بردّ الخطأ، أي خطأ السامع في تعيين المفعول ونحوه إلى الصواب، وهو المراد
من التخصيص، كما في اعتقاد العكس أو الاشتراك كقولك:زيداً عرفت، لمن تردد، إشارة إلى أنه اعتقد أنك عرفت إنساناً، لكن يتردد في تعيين أنك زيداً عرفت أم عمراً، فقولك زيداً عرفت، تعيين وتخصيص، أو لمن أخطأ في اعتقاده، بأن اعتقد أنك عرفت عمراً دون زيد، على عكس عرفانك، فقولك زيداً عرفت، يفيد الاختصاص برد
الخطأ وإذا قلنا الماء شربت لا غيره، فهذا من الاختصاص الذي يشمل قصر القلب والإفراد والتعيين.
تقديم المفعول:
ورد تقديم المفعول على فعله أو فاعله لمزية يقتضيها المعنى المراد بثّه في النفوس ومن ذلك قوله تعالى:
(( ساء مثلاً القوم الذين كذّبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ))
فلو جاء السياق مثلاً:كانوا يظلمون أنفسهم لما تحققت مزية تخصيص أنفسهم وحدهم بالظلم، فجأة
“تقديم المفعول به للاختصاص كأنه قيل:وخصّوا أنفسهم بالظلم لم يتعدّها إلى غيرها وهنا إبراز للنفس التي
ظلمت وتخيّل لأثره عليها.
ومن ذلك قوله تعالى:(( سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ))
ففي قوله: ( وجوههم ) مجاز مرسل علاقته الجزئية، حيث ذكر الجزء، وهو الوجوه، ذكر الحاصل هو أن النار
تغشى جميع أبدانهم، ولكن في تخصيص ذكر الوجوه وتقديمها لفت للانتباه لما يلحقهم من المهانة والذلة
وهم الذين أرادوا الوجاهة والمنزلة في قومهم، ومن قوله:( من قطران ) بيانية أي من هذا الجنس.