هيا نقرأ السورة:
قال الله تعالى:
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)
(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)
(سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)
مقدمة
سورة القدر مكية، وقد تحدثت عن بدء نزول القرآن العظيم، وعن فضل ليلة القدر على
سائر الأيام والشهور، لما فيها من الأنوار والتجليات القدسية، والنفحات الربانية، التي
يفرضها الباری جل وعلا على عباده المؤمنين، تكريما لنزول القرآن المبين،
كما تحدثت عن نزول الملائكة الأبرار حتى طلوع الفجر، فيا لها من ليلة عظيمة القدر،
هي خير عند الله من ألف شهر
فتعالوا بنا لنتعايش بقلوبنا مع تفسير سورة القدر:
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)
أي: إنا ابتدأنا إنزال القرآن العظيم في ليلة القدر.. وسميت ليلة القدر بهذا الاسم
لعظمها وقدرها وشرفها.
قال ابن عباس: “أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة
من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على
رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
ثم قال تعالى معظما لشأن ليلة القدر:
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)
أي: هل تعلم يا محمد مدى عظمة وقدر ليلة القدر؟
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)
أي: إن ليلة القدر في الفضل والشرف خير من ألف شهر .. فالعمل الصالح فيها
خير منه في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
وقد روى أن رجلا لبس السلاح وجاهد في سبيل الله ألف شهر، فعجب رسول الله
والمسلمون من ذلك، وتمنی رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته فقال:
“يا رب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا، وأقلها أعمالا”!!
فأعطاه الله ليلة القدر، وقال: ليلة القدر خير لك ولأمتك من ألف شهر،
جاهد فيها ذلك الرجل.
(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)
أي: تنزل الملائكة وجبريل إلى الأرض في تلك الليلة بأمر ربهم؛ من أجل كل أمر
قدره الله وقضاه، ففي ليلة القدر يقدر ما يكون في العام من الآجال والأرزاق.
(سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)
أي: هي سلام من أول يومها إلى طلوع الفجر ..
فهى سالمة من كل آفة وشر وذلك لكثرة خيرها …
فلا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو أذى.
وليلة القدر تكون في العشر الأواخر من رمضان في الوتر منها.