معانى بعض الكلمات
الْقَارِعَةُ أي: القيامة التي تضرب القلوب بأهوالها ضربا عنیفا.
كَالْفَرَاشِ: هو الذي يتساقط في النار.
الْمَبْثُوثِ: المتفرق المنتشر.
كَالْعِهْنِ: الصوف.
الْمَنْفُوشِ: المتطاير.
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ أي: مسكنه النار ومصيره جهنم يهوى في قعرها.
المعنى العام للسورة
سورة القارعة مكية، وهي تتحدث عن القيامة وأهوالها، والآخرة وشدائدها،
وما يكون فيها من أحداث وأهوال عظام، كخروج الناس من القبور، وانتشارهم
في ذلك اليوم الرهيب كالفراش المتطاير، المنتشر هنا وهناك، يجيئون ويذهبون
على غير نظام من شدة حيرتهم وفزعهم.
كما تحدثت عن نسف الجبال وتطايرها حتى تصبح كالصوف المنبث المتطاير في
الهواء، بعد أن كانت صلبة راسخة فوق الأرض، وقد قرنت بین الناس والجبال
تنبيها على تأثير تلك القارعة في الجبال حتى صارت كالصوف المندوف، فكيف
يكون حال البشر في ذلك اليوم العصيب.
وختمت السورة الكريمة بذكر الموازين التي توزن بها أعمال الناس، وانقسام الخلق
إلى سعداء وأشقياء حسب ثقل الموازين وخفتها، وسميت السورة الكريمة بالقارعة؛
لأنها تقرع القلوب والأسماع بهولها.
فتعالوا بنا لتعايش بقلوبنا مع تفسير سورة القارعة:
(الْقَارِعَةُ . مَا الْقَارِعَةُ)
من أسماء يوم القيامة .. سمیت بذلك لأنها تقرع الخلائق بأهوالها ضربا عنيفا.
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ)
أي: أى شيء أعلمك ما شأن القارعة في هولها على النفوس؟
إنها لا تفزع القلوب فحسب، بل تؤثر في الأجرام العظيمة، فتؤثر في السموات بالانشقاق،
وفي الأرض بالزلزلة، وفي الجبال بالدك والنسف، وفي الكواكب بالانتثار،
وفي الشمس والقمر بالتكوير والانكدار إلى غير ما هنالك.
(يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ)
أي: كل ذلك يحدث عندما يخرج الناس من قبورهم وهم في غاية الفزع كأنهم
فراش منتشر في كل مكان هنا وهناك..
وسبب تشبيه الناس في ذلك اليوم بالفراش؛ لأن الفراش إذا ثار لم يتجه إلى
جهة واحدة بل تتجه كل فراشة إلى جهة غير جهة الأخرى..
وفي آية أخرى يشبه الناس وقت البعث بالجراد المنتشر وذلك لكثرة
الناس وازدحامهم يوم البعث.
(وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ)
أي: وتصير الجبال العظيمة الضخمة كالصوف المنتشر المتطاير تتفرق
أجزاؤها وتتطاير في الجو.
ولعل السبب في ذكر حال الناس يوم القيامة ثم ذكر حال الجبال هو التنبيه
على أن القارعة ستعصف بالجبال الراسيات وتجعلها كالصوف المتناثر فكيف
بالإنسان الضعيف الذي لا حول له ولا قوة.
ثم ذكر الحق جل وعلا حال الناس يوم القارعة وانقسامهم إلى شقي وسعيد فقال تعالى:
(فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ)
أي: فأما من رجحت موازين حسناته وزادت على سيئاته.
(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ)
أي: فهو في حياة سعيدة في جنات النعيم التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر.
(وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ)
أي: وأما من رجحت كفة سيئاته على حسناته أو نقصت حسناته عن
سيئاته أو لم يكن له حسنات.
(فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ)
أي: فمأواه و مسکنه الهاوية وهي النار وسميت النار بالأم لأن الأم مأوى
لأولادها وكذلك النار فهي تؤوى هؤلاء المجرمين..
وسميت بالهاوية لبعد مهواها وغاية عمقها، ولأن أهل النار يهوون فيها
سبعين سنة حتى يصلوا إلى قعرها.
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ)
أي: تعظيم لأمرها وتهويل لشأنها ..
أي: وما أعلمك ما هي الهاوية؟
ثم فر ذلك بقوله:
(نَارٌ حَامِيَةٌ)
أي: نار شديدة الحرارة .. فهي تزيد على نار الدنيا سبعين مرة.