قال الله تعالى:
(وَالْعَصْرِ) (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).
المعنى العام للسورة
سورة العصر مكية، وقد جاءت في غاية الإيجاز والبيان، لتوضيح سبب سعادة
الإنسان أو شقاوته، ونجاحه في هذه الحياة أو خسرانه ودماره.
أقسم تعالى بالعصر وهو الزمان الذي ينتهی فيه عمر الإنسان، وما فيه من أصناف
العجائب، والعبر الدالة على قدرة الله وحكمته، على أن جنس الإنسان في خسارة
ونقصان، إلا من اتصف بالأوصاف الأربعة، وهي، الإيمان، والعمل الصالح،
والتواصي بالحق، والاعتصام بالصبر.
وهي أسس الفضيلة، وأساس الدين، ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله:
لو لم ينزل الله سوی هذه السورة لكفت الناس.
من فضائل السورة:
من فضائل هذه السورة الكريمة: أن سلفنا الصالح يختمون بها مجالسهم، كما روي
عن الدارمي رحمه الله قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
إذا التقيا، وأرادا أن يتفرقا قرأ أحدهم سورة العصر، ثم سلم أحدهما على الآخر، ثم تفرقا.
فتعالوا بنا لنتعايش بقلوبنا مع تفسير سورة العصر:
(وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ)
أي: أقسم بالدهر والزمن لما فيه من الغرائب والعجائب والعبر والعظات على أن
الإنسان في خسران لأنه يفضل الدنيا على الآخرة وتغلب عليه الأهواء والشهوات.
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)
أي: إن الإنسان في خسارة إلا الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح فهؤلاء
هم الذين فازوا في الدنيا والآخرة.
(وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ)
أي: وأوصي بعضهم بعضا بالحق والخير والطاعة وعبادة الرحمن جل وعلا.
(وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
أي: وتواصوا بالصبر على الشدائد والمصائب، وعلى فعل الطاعات،
وترك المحرمات ..
حکم تعالى بالخسارة على جميع الناس إلا من أتى بهذه الأشياء الأربعة
وهي: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.
فإن نجاة الإنسان لا تكون إلا إذا كمل الإنسان نفسه بالإيمان والعمل الصالح،
وكمل غيره بالنصح والإرشاد، فيكون قد جمع بين حق الله، وحق العباد،
وهذا هو السر في تخصيص هذه الأمور الأربعة.