بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا)
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).
مقدمة على السورة
سورة النصر مدنية، وهي تتحدث عن فتح مكة الذي كان سببا في
انتشار الإسلام في الجزيرة العربية.
وأخبر الله تعالى عن فتح مكة قبل أن يقع فيه دليل على صدق نبوة
الرسول صلى الله عليه وسلم.
وكانت تلك السورة الكريمة هي علامة قرب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم،
وفي هذا يقول ابن عباس رضى الله عنه:
كان عمر بن الخطاب رضى الله الله يحب أن يجلس معه في مجلسه
عبد الله بن عباس، فغضب بعضهم وقالوا: لم تدخل ابن عباس
معنا ولنا أبناء مثله؟
فضح لهم عمر منزلة وقرابة وذكاء عبد الله بن عباس.
فدعاهم ذات يوم، ودعاني معهم، وقال: أما إني سأريكم اليوم
منه ما تعرفون به فضله،
ما تقولون في قول الله تعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ).
فقال بعضهم: أمرنا أن بحمد الله والاستغفار إذا انتصرنا..
وقال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس ودخولهم في الإسلام..
وسكت بعضهم فلم يقل شيئا.
فإذن عمر رضى الله عنه إلى ابن عباس ليتكلم؟
فقال ابن عباس: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له.
قال: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) وذلك علامة أجلك، فسبح بحمد ربك واستغفره.
فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول، کیف تلومونني على حب ما ترون.
والآن مع تفسير سورة النصر
(إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)
أي: إذا نصرك الله على أعدائك وأعانك عليهم وفتح الله مكة أم القرى..
والإخبار هنا بفتح مكة قبل وقوعه هو إخبار بالغيب وهو من أعلام النبوة.
(وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا)
أي: ورأيت الناس يدخلون في دين الله جماعات من
غير حرب ولا قتال.
وقد كانت العرب تنتظر فتح مكة وكانوا يقولون: إن انتصر محمد صلى الله
عليه وسلم على قومه فهو نبی …
فلما فتح الله له مكة دخلوا في دين الله أفواجا حتى أنه لم تمض سنتان حتى
انتشر الإسلام في جزيرة العرب.
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)
أي: فسبح ربك واحمده على كل هذه النعم فهو الذي نصرك على أعدائك
وفتح لك البلاد وقلوب العباد.
واطلب منه المغفرة لك ولأمتك فإن الله يقبل التوبة ويرحم عباده
المؤمنين رحمة واسعة في الدنيا والآخرة.